[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]الأكل متكئا
روى البخاري في صحيحه (5398) عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا آكُلُ مُتَّكِئًا)).
قال ابن حجر في فتح الباري (9/541_542): "واختلف في صفة الاتكاء، فقيل: أن يتمكن في الجلوس للأكل على أي صفة كان، وقيل: أن يميل على أحد شقيه، وقيل: أن يعتمد على يده اليسرى من الأرض.
قال الخطابي: (تحسب العامة أن المتكئ هو الآكل على أحد شقيه، وليس كذلك، بل هو المعتمد على الوطاء الذي تحته)، قال: (ومعنى
الحديث: إني لا أقعد متكئا على الوطاء عند الأكل، فعل من يستكثر من
الطعام؛ فإني لا آكل إلا البلغة من الزاد، فلذلك أقعد مستوفزا).
وفي حديث أنس
أنه صلى الله عليه وسلم ((أكل تمرا وهو مُقْعٍ)) وفي رواية ((وهو محتفز))
والمراد الجلوس على وركيه غير متمكن. وأخرج ابن عدي بسند ضعيف ((زجر النبي
صلى الله عليه وسلم أن يعتمد الرجل على يده اليسرى ثم الأكل)) قال مالك:
(هو نوع من الاتكاء)، قلت: وفي هذا إشارة من مالك إلى كراهة كل ما يعد الأكل فيه متكئا،
ولا يختص بصفة بعينها، وجزم ابن الجوزي في تفسير الاتكاء بأنه الميل على
أحد الشقين، ولم يلتفت لإنكار الخطابي ذلك، وحكى بن الأثير في النهاية أن
من فسر الاتكاء بالميل على أحد الشقين تأوله على مذهب الطب، بأنه لا ينحدر
في مجاري الطعام سهلا، ولا يسيغه هنيئا، وربما تأذى به.
واختلف السلف في حكم الأكل متكئا،
فزعم ابن القاص أن ذلك من الخصائص النبوية، وتعقبه البيهقي فقال: (قد يكره
لغيره أيضا؛ لأنه من فعل المتعظمين، وأصله مأخوذ من ملوك العجم)، قال:
(فإن كان بالمرء مانع لا يتمكن معه من الأكل إلا متكئا، لم يكن في ذلك
كراهة) ثم ساق عن جماعة من السلف إنهم أكلوا كذلك، وأشار إلى حمل ذلك عنهم
على الضرورة، وفي الحمل نظر، وقد أخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس وخالد بن
الوليد وعبيدة السلماني ومحمد بن سيرين وعطاء بن يسار والزهري جواز ذلك
مطلقا، وإذا
ثبت كونه مكروها أو خلاف الأولى، فالمستحب في صفة الجلوس للأكل أن يكون
جاثيا على ركبتيه وظهور قدميه، أو ينصب الرجل اليمني ويجلس على اليسرى،...
واختلف في علة الكراهة،
وأقوى ما ورد في ذلك ما أخرجه ابن أبي شيبة من طريق إبراهيم النخعي قال:
(كانوا يكرهون أن يأكلوا اتكاءة مخافة أن تعظم بطونهم) وإلى ذلك يشير بقية
ما ورد فيه من الأخبار فهو المعتمد، ووجه الكراهة فيه ظاهر، وكذلك ما أشار
إليه بن الأثير من جهة الطب، والله أعلم".
وفي شرح مختصر
خليل (3/160): "(ص: أَوْ مُتَّكِئًا) (ش) يَعْنِي وَمِنْ خَصَائِصِهِ عليه
السلام أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْكُلَ مُتَّكِئًا، وَهُوَ
التَّقَعْدُدُ فِي الْجُلُوسِ كَالْمُتَرَبِّعِ؛ فَإِنَّ الْجُلُوسَ عَلَى
هَذِهِ الْهَيْئَةِ يَسْتَدْعِي الِاسْتِكْثَارَ مِنْ الْأَكْلِ،
وَإِنَّمَا كَانَ جُلُوسُهُ عليه السلام لِلْأَكْلِ جُلُوسَ
الْمُسْتَوْفِزِ".
وألحق فقهاء الحنفية الشرب بالأكل، كما في البحر الرائق (8/210).
منقول